صناعة السيارات مبنية على الابتكار، ولكن ليس كل اختراع يدوم. بعض التقنيات كانت متقدمة جدًا لدرجة أنها لم تحظَ باهتمام واسع، بينما كانت تقنيات أخرى باهظة الثمن أو غير عملية في عصرها. دعونا نسترجع ابتكارات السيارات المنسية التي سبقت عصرها، وهي أفكار عبقرية بدأت السيارات الحديثة بتبنيها مؤخرًا.
ناقل الحركة Dynaflow (1948)
قدّم قسم بويك التابع لشركة جنرال موتورز ناقل الحركة الأوتوماتيكي داينافلو عام ١٩٤٨. وعلى عكس علب التروس اليدوية القياسية، وفّر داينافلو تجربة قيادة سلسة وسلسة، مع عدم ملاحظة السائق لأي تغيير في السرعات تقريبًا. على الرغم من أننا نعتبر علب التروس الأوتوماتيكية أمرًا مسلمًا به، إلا أن داينافلو سُخر منه في البداية بسبب كفاءته وبطء تسارعه. ومع ذلك، مهد مفهومه الطريق لناقلات الحركة المتغيرة باستمرار (CVT) الحديثة وعلب التروس الأوتوماتيكية عالية الكفاءة.
ابتكارات السلامة في طائرة تاكر 48 (1948)
سيارة بريستون تاكر 48 موديل 1948، التي ابتكرها، تحظى بشهرة واسعة بين مؤرخي السيارات بفضل مزايا السلامة المبتكرة التي تتميز بها. وقد تميزت هذه السيارة بـ:

-
إطار محيطي للحماية من الاصطدام
-
زجاج أمامي قابل للفتح لتقليل الإصابات في حالات الاصطدام
-
مصباح أمامي دوار مثبت في المنتصف يدور مع التوجيه لتحسين الرؤية الليلية
للأسف، أفلست شركة تاكر وسط تحديات مالية وعقبات تنظيمية. ولم تحظَ العديد من مفاهيم السلامة هذه بالاعتماد الواسع إلا بعد عقود.
الديناميكية الهوائية لسيارة كرايسلر ايرفلو (1934)
كانت سيارة كرايسلر إيرفلو رائدة في مجال التصميم الديناميكي الهوائي في ثلاثينيات القرن الماضي، قبل أن تصبح أنفاق الرياح شائعة في أبحاث السيارات بوقت طويل. ساهم شكلها الانسيابي في تقليل مقاومة الهواء وزيادة كفاءة استهلاك الوقود، وهما أمران أساسيان في سيارات اليوم، إلا أنهما قوبلا بالرفض من قِبل المشترين المعاصرين الذين فضّلوا التصميم الكلاسيكي على الأداء.
سيارة GM EV1 الكهربائية (1996-1999)
كانت سيارة جنرال موتورز EV1 من أوائل السيارات الكهربائية التي طُرحت للجمهور في العصر الحديث. بفضل تصميمها الأنيق وانبعاثاتها المنخفضة، واجهت عقبات تكنولوجية وتنظيمية حدّت من إنتاجها. واليوم، تتصدر السيارات الكهربائية النقاشات حول التنقل المستدام، مما يثبت أن EV1 كانت سابقة لعصرها.

مرسيدس بنز وانكل: تجربة المحرك الدوار
يَعِدُ محرك وانكل الدوار بأداءٍ أكثر سلاسةً وأجزاءً متحركةً أقل من محركات المكبس التقليدية. جرّبت مرسيدس-بنز هذه التقنية في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، مُطوّرةً مركباتٍ مثل النموذج الأولي C111 بمحركٍ دوار. ورغم أنه لم يُنتَج بكمياتٍ كبيرةٍ قطّ بسبب المخاوف بشأن كفاءة الوقود والتلوث، إلا أن محرك وانكل لا يزال يُستخدم في تطبيقاتٍ متخصصة، مُلهمًا سلسلة سيارات مازدا RX، ومؤثرًا على تصميم المحركات المدمجة الحديثة.

مفهوم BMW Turbo: السلامة تلتقي بالتكنولوجيا
تميزت سيارة بي إم دبليو توربو موديل ١٩٧٢ بميزات أمان متطورة وتصميم مُركّز على الأداء. وتضمنت ابتكارات مثل أنظمة المكابح المانعة للانغلاق، وعمود توجيه قابل للطي، ولوحة قيادة رقمية متطورة، والتي أصبحت جميعها ميزات قياسية بعد عقود عديدة. وقد قدّم مفهوم توربو لمحة عن مستقبل يجمع بسلاسة بين السلامة والإلكترونيات والأداء.

فرامل مانعة للانغلاق لسيارة مرسيدس بنز W123 (1978)
وفّرت سلسلة W123 أنظمة المكابح المانعة للانغلاق (ABS) لشريحة أوسع من المستهلكين. ومن خلال تعزيز ثبات السيارة أثناء التباطؤ المفاجئ، رسّخ نظام ABS مكانته كمعيار أمان في العقود اللاحقة، مما أثر على كلٍّ من سيارات الركاب والمركبات التجارية.
مفاهيم التحليق والديناميكا الهوائية النشطة
طوال القرن العشرين، راودت شركات صناعة السيارات فكرة السيارات الطائرة والديناميكا الهوائية النشطة. من سيارة فورد التجريبية "ليفاكار" في خمسينيات القرن الماضي إلى نماذج السيارات الطائرة اليوم، لا تزال هذه الأفكار قريبة المنال، لكنها غير عملية بعد. مع ذلك، فقد ظهرت الديناميكا الهوائية النشطة. تستخدم السيارات الحديثة، مثل بوغاتي تشيرون وبورش تايكان، أجنحة خلفية قابلة للتعديل، وفتحات تهوية، وناشرات هواء تتكيف آنيًا مع ظروف القيادة. كان حلم السيارات التي "تتغير" مع الحركة مجرد خيال علمي، ولكنه أصبح الآن واقعًا ملموسًا.
لوحة ساب الليلية وتصميمها المستوحى من الطائرات
ساب، شركة صناعة السيارات السويدية التي تأسست في مجال الطيران، أدخلت تصميمات مريحة تشبه قمرة القيادة إلى الطرق. وقد أتاحت لوحة القيادة الليلية، التي طُرحت في تسعينيات القرن الماضي، للسائقين تقليل إضاءة جميع أضواء لوحة القيادة، باستثناء عداد السرعة للرؤية الليلية. وقد أثر هذا التطور الطفيف على لوحات القيادة العصرية البسيطة وفلسفات التصميم الداخلي التي تركز على السائق، كما هو واضح في علامات تجارية مثل بولستار ولوسيد موتورز.
إخفاقات الأمس، معايير الغد
أحيانًا يبدأ الابتكار همسًا في ورشة العمل، فكرةً سابقةً لعصرها، ثم يبرز كنمط حياتنا اليومية. ما كان يُسخر منه أو يُرفض بتكتم أصبح ضروريًا، كما يتضح من سلاسة سيارة بويك داينا فلو وجرأة كرايسلر إيرفلو الديناميكية الهوائية. لا تزال الشفرة الوراثية لـ"إخفاقات" الأمس حاضرة في التقنيات التجريبية اليوم، مثل أجهزة الاستشعار ذاتية القيادة، وأنظمة التعليق النشطة، والقطارات الكهربائية.
لذا عندما يقوم المهندسون بالعبث في المرائب، أو يقوم العلماء بصياغة براءات الاختراع، أو تظهر السيارات النموذجية في معارض السيارات، تذكروا: إن المعيار التالي على العجلات ربما يكون قد بدأ يتكشف بالفعل في دفتر ملاحظات منسي لدى شخص ما.